المشروع الحلم الذي أنصفني بعد أن رفضتني عمان

علا بعيرات

“أنا  من قرية أوصرة في عجلون، درست في قريتي للصف العاشر وانتقلت بعدها للدراسة في مدرسة عرجان الثانوية الشاملة للبنات وتخرجت منها بمعدل يؤهلني لتحقيق حلمي بدراسة هندسة الطاقة المتجددة، ولكن مع الأسف لم يكن هناك جامعة قريبة من قريتنا لديها هذا التخصص، ورغم صعوبة السكن بعيداً عن العائلة إلا أن حبي للتخصص جعلني أبحث عنه في الجامعات الأردنية بغض النظر عن الموقع، أخيراً وجدت ضالتي في جامعة مؤتة وبالفعل تم قبولي للدراسة فيها، ومن هنا بدأت التحديات تتوالى في حياتي، فرغم أننا خمسة أبناء إلا أنني الإبنة الوحيدة لوالدي حيث أن إخواني كلهم من الذكور، وكان من الصعب أن يتقبل الأهل والمجتمع القروي أن تتغرب فتاة وتسكن وحدها أثناء سنوات الدراسة، اقترح الأهل أن أُغير التخصص لهندسة حاسوب في جامعة اليرموك كونها أقرب، إلا أنني رفضت وتمسكت في التخصص الذي أحبه، واجهت أنا وعائلتي لوماً شديداً من مجتمعنا الصغير في القرية وانتقاداً لاذعاً لموضوع الدراسة الغريب الذي أصريت عليه، كون المنطقة خالية من فرص العمل للمتخصصين في هذا المجال على حد تعبيرهم، ولكن دعم الأهل ووقوفهم بجانبي جعلني أُنهي دراستي بنجاح وأُصبح بذلك أول مهندسة في القرية”.

دخلت علا بعدها معترك الحياة والبحث عن فرصة عمل: “لم تكن فرص العمل متوفرة في مجال الطاقة المتجددة في عجلون فبدأت أذهب إلى عمان لتقديم طلبات العمل، إلا أن حقيقة أنني من سكان عجلون جعل توظيفي في عمان أصعب، قمت بعد هذه المحاولات بالتسجيل في دورة لهيئة تدريب قطاع الطاقة والمعادن في عمان. من هنا لاحظت عدم معرفة المجتمع بإمكانية توليد الطاقة من الشمس وأنهم يعتقدون أن الإستفادة من الطاقة الشمسية قاصرة على السخان الشمسي، فأطلقت مبادرة (كهربتنا من شمسنا) لتعريفهم على كيفية توليد الطاقة من الشمس، وقمت بإرسال دعوات لجميع الجهات المهتمة بالطاقة المتجددة ومنهم كانت مديرة مركز شابات عجلون التي قامت بدورها بتوجيه دعوة لمشروع SEED الممول من الحكومة الكندية وصندوق تشجيع الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة والمنفذ من قبل شركة Cowater.Sogema، ولم أكن أعلم بوجود مشروع للطاقة المتجددة في عجلون ودير علا، بل كنت في شك من صحة المعلومة حتى بعد أن اتصلوا بي هاتفياً، لكن عندما رأيت مبنى المشروع على مشارف عجلون شعرت بفخر شديد كون هذا المشروع الأول للطاقة المتجددة الذي اتخذ موقعاً رئيسياً له في مدينتي وأصبح هذا المبنى بمثابة منارة تنير مدخل عجلون بالنسبة لي، أخيراً بدأت بتحقيق حلمي الكبير فذهبت على الفور لمقابلة مدير المشروع وحدثته عن مبادرتي وطموحي، وقمت لاحقاً بالتسجيل في ثلاث دورات تدريبية للمشروع واكتسبت منها الكثير حيث طورت مهاراتي وصقلت شخصيتي وبنيت قدرات لم أكن أتوقع الوصول إليها من خلال هذه الدورات، كما اكتسبت الكثير من الخبرة في التعامل مع المجتمع المحلي في عجلون ونميت طاقتي في الخدمة المجتمعية مما قربني أكثر من المجتمع”.

تابعت علا سرد قصة نجاحها مع المشروع الحلم بالنسبة لها قائلة: “أشعر أن مشروع SEED قد أنصفني بعد أن رفضتني عمان بمشاريعها الكثيرة فأصبح هذا المشروع جزء لا يتجزأ من حلمي، أصبحت أدعو الشباب والشابات للإتصال بالمشروع والاستفادة من دوراته التي صنعت مني اليوم مدربة معتمدة في قطاع الطاقة لدى جهات مختلفة منها جامعة العلوم والتكنولوجيا ونقابة المهندسين الأردنيين، كما أثلج صدري مشروع SEED  أيضاً عندما علمت أنهم قاموا بدعم مدرسة عرجان الثانوية الشاملة بنظام الخلايا الشمسية كونها كانت مدرستي التي بدأت فيها مشواري مع الطاقة المتجددة”.

أضافت علا: ” إن إمتناني وحبي لهذا المشروع يعكس حبي لبلدي ومجتمعي ورغبتي الشديدة في أن أساهم في الو*صول إلى هدف المشروع في المنطقة الذي أصبح هدفاً لي أنا أيضاً”